السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اللهم صلى وسلم وبارك على سيد الخاشعين لرب العالمين
وإمام الخائفين من مالك يوم الدين
هو خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم
فقد كان ندي الجفن ، سريع العبرة ، سخي الدمع ، رقيق القلب ، جياش العاطفة، تنطلق دمعته في صدق وطهر ،ويسمع نشيجه في قنوت وإخبات يترك بكاؤه في قلوب أصحابه آثارًا من التربية والاقتداء والصلاح ما لا تتركه الخطب البليغة والواعظ المؤثره
ومدح الله رسله بالبكاء فقال تعالي{ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً }
ووصف اولياءه الصالحين قائلا سبحانه { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً }
ولام أعداه على القسوة والغلظة فقال الله عز وجل (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ .وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ )
ومن أعظم البكاء , البكاء من خشية الله تعالى ,
وفي الحديث الشريف (عينان لا تمسهما النار , عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله).
ويمثل البكاء مشهدا ًمن مشاهد الإنسانية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين كانت تمر به المواقف المختلفة ، فتهتزّ لأجلها مشاعره ، وتفيض منها عيناه ، ويخفق معها فؤاده الطاهر
والبكاءُ فطرةٌ بشريّةٌ كما ذكر أهل التفسير ، فقد قال القرطبي في تفسير قول الله تعالى : { وأنّه هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى } " أي : قضى أسباب الضحك والبكاء ، وقال عطاء بن أبي مسلم : يعني : أفرح وأحزن ؛ لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء ...
"تفسير القرطبى"
وبما أن البكاء فعل غريزي لا يملك الإنسان دفعه غالباً فإنه مباح بشرط ألا يصاحبه ما يدلُّ على التسخُّط من قضاء الله وقدره ، لقول النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : " إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ بدمعِ العينِ ولا بحزنِ القلبِ ، ولكن يُعَذِّبُ بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحمُ " البخاري ومسلم
دموع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم
* عند سماعه القرآن *
( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله)
وهو يبكي عند سماع القرآن فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال لابن مسعود
(( أقرا علي القرآن)) قال : كيف اقرؤه عليك ، وعليك أنزل ؟ قال : (( أقرأ ،، فإني أحب أن أسمعه من غيري ))
فيقرأ ابن مسعود حتى بلغ قوله تعالي (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) النساء .41
قال صلى الله عليه وسلم (( حسبك الآن)) فنظرت فإذا عيناه تذرفان.
*******
* بكى على إبنه إبراهيم عليه السلام *
عاش إبراهيم فى كنف خير أب سنتين ثم مرض مرضاً شديداً فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تدمع عيناه وولده يكيد بنفسه ، مات إبراهيم إبن رسول الله صلى الله عليه وسلم – وصادف يوم موته كسوفاً للشمس فقال الناس : إنكسفت الشمس لموت ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فخرج المعلم الأكبر فى البشرية ولم يمنعه حزنه الشديد على ولده يعلم الناس ويؤدى لهم رسالة ربه فقال : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد أو حياته ، فإذا رأيتم فصلوا وأدعوا الله ) رواه البخارى
عن أنس بن مالك ، ، قال دخلنا مع رسول الله على أبي سيف القين - ، وكان ظئرا لإبراهيم - عليه السلام - فأخذ رسول الله إبراهيم فقبله وشمه ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف ، ، وأنت يا رسول الله ؟ ( فقال: يا ابن عوف إنها رحمة ثم أتبعها بأخرى فقال إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) رواه البخاري
يستفاد من الحديث : جواز البكاء على الميت بدون صراخ ولا نواح . و جواز الحزن على الميت ، مع تجنب الكلام الذي يدل على السخط والغضب ، والرضا بالقدر والتسليم والبكاء رحمة والصبر والاحتساب .
*******
* بكى على قبر أمه *
كان الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه مع الصحابة الكرام عائدين من إحدى الغزوات وفي الطريق توقف الرسول الكريم عند قبر قديم منفرد في الصحراء ليس حوله شيء فجلس الرسول الكريم ثم بكى بكاء شديدا وعندما رجع للصحابة سأله: عمر بن الخطاب عن سبب بكاءه الشديد عند هذا القبر فأجابه الرسول الكريم : هذا قبر أمي فاستأذنت الله أن أزورها فأذن لي فاستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي .
كما تعلم أخي الكريم آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن على الإسلام فقد ماتت قبل البعثة ولا يجوز الاستغفار لغير المسلمين ..
فغلبت الرسول الكريم عاطفة الابن لأمه فبكى ذلك البكاء الشديد
*******
* بكى على قبر إبنته أم كلثوم *
عن أنس رضي الله عنه قال : شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان ، فقال : هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة ؟ فقال أبو طلحة : أنا ، قال : فانزل في قبرها ، فنزل في قبرها فقبرها . رواه البخاري
معنى " لم يقارف " قال الإمام ابن حجر رحمه الله : وقيل معناه لم يجامع تلك الليلة وبه جزم ابن حزم .
*******
* بكى لمــــــــــــوت ابن إبنته زينب *
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا عاصم عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد قال كان ابن لبعض بنات النبي يقضي فأرسلت إليه أن يأتيها فأرسل إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل إلى أجل مسمى فلتصبر ولتحتسب فأرسلت إليه فأقسمت عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمت معه ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وعبادة بن الصامت فلما دخلنا ناولوا رسول الله الصبي ونفسه تقلقل في صدره حسبته قال كأنها شنة فبكى رسول فقال سعد بن عبادة أتبكي ؟ فقال : إنما يرحم الله من عباده الرحماء
رواه البخاري
*******