كلامه وسكوته وضحكه وبكاؤه
اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع قبله ولا بعده ،كيف لا وهو خير الناس
واكرمهم عند الله تعالى
فقد كان صلى الله عليه وسلم افصح الناس واعذبهم كلاما ، واسرعهم اداءا واحلاهو منطقا
حتى ان كلامه لياخذ بمجمع القلوب ، وياسر الارواح، ويشهد له بذلك كل من سمعه
وكان اذا تكلم ، تكلم بكلام فصل مبين ، يعده العاد ، ليس بسريع لا يحفظ ، ولا بكلام
منقطع لا يدركه السامع ،بل هديه فيه اكمل الهدى ، كما وصفته عائشة رضي الله عنها بقولها
( ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن مكان يتكلم بكلام بين فصل
يتحفظه من جلس اليه ) متفق عليه
وكان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت لا يتكلم الا ما يرجو ثوابه ، وكان اذا تكلم افتتح كلامه
وختمه بذكر الله ، واتى بكلام فصل ليس بالهزل ، لا زيادة فيه عن بيان المراد ولا تقصير
ولا فحش فيه ولا تقريع 0
اما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسما ، وغاية ما يكون من ضحكه ما تبدو نواجذه
فكان يضحك مما يضحك منه ، ويتعجب مما يتعجب منه 0
وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاءه بشهيق ولا برفع صوت
كما لم يكن ضحكه بقهقهة ، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا ، ويسمع لصدره ازيز
وكان صلى الله عليه وسلم تارة يبكي رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده
وتارة يبكي خوفا على امته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله
فقد بكى لما قرا عليه ابن مسعود رضي الله عنه سورة النساء وانتهى الى قول الله تعالى
( وكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا )
وتارة كان يبكي اشتياقا ومحبةواجلالا لعظمة خالقه سبحانه وتعالى 0
وما ذكرناه واتينا به من صفاته صلى الله عليه وسلم غيض من فيض لا يحصره مقال
ولا كتاب 0
وفيما المحنا اليه عبرة لمن اراد ان يذكر او اراد شكورا والحمد لله اولا واخرا